-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
بعد طول انتظار، وبعد كثرة أعذار عادت المواقف لتثبت أن الدولة وأنظمتها وصلاحيات وزراء الحكومة براء مما كان يدعيه بعض المتقاعسين أو العاجزين أو من لا يملكون الشجاعة والجرأة الإدارية ولا الحسم ولا الحزم لإنجاز المهمات الموكلة لهم والتصرف بما تقتضيه المصلحة الوطنية.

تاريخيا وفي وقت بعيد مضى كانت الأسطوانة المشروخة، (النظام لا يسمح)، حجة لكل باحث عن حجة، لعدم جرأته في معاقبة موظف أو إبعاد فاسد، وجاء غازي القصيبي (رحمه الله رحمة واسعة) وزيرا للصحة فعاقب أطباء وأبعد مثلهم، ثم أبعد مدير شؤون صحية في المنطقة الوسطى كان كثيرون يظنون أنه غير مقدور عليه، ولو لم ينجز غازي القصيبي في حياته إلا ذلك القرار لكفاه.


بالأمس القريب كان مبرر (عدم التشهير) سائدا وحائلا دون ردع كل شركة مخالفة أو مؤسسة تمارس غشا أو وكيل سيارات يدلس ويدهن المصدومة ويبيعها على أنها جديدة، بل كانت البلديات ترتعش خوفا وتئن قلقا حينما تكتشف مخالفة مطعم شهير لعدم قدرتها على غلقه ناهيك عن التحذير منه بذكر اسمه!، وجاء الدكتور توفيق الربيعة وزيرا للتجارة فعاقب وشهر بكبار تجار وحقق قفزة نوعية في حماية المستهلك وردع المستهتر، وجعل عددا قليلا من الوزراء يحذون حذوه.

كان فرض السعودة حلما وطنيا، وتخليص الوطن من آفة البطالة، التي هي أم كل آفة، هدفا قريبا وواضحا، لكنه صعب المنال لعدم توفر سلاح القرار المقرون بالتفتيش، وشاع عن وزارة العمل في وقت مضى أنها وزارة القرار الذي لا ينفذ! (قرار مع وقف التنفيذ)، وجاء الوزير الدكتور علي الغفيص وفرض سعودة الاتصالات ثم سوق الذهب ثم فرض سعودة وظيفة البائع على الشركات الكبرى (إلكترونيات، ملابس، كهربائيات، أوان، كماليات) وأمهلهم شهورا محدودة للتخلص من البائع غير السعودي، واشتهر بأن من يطلب منه زيادة المهلة شهرين، يرد عليه (ولا ساعتين).

الوطن في مرحلة حزم وعزم لا عذر فيها لوزير متردد ولا بيروقراطي بطيء الحركة، ولا مجال للتحجج بمادة فضفاضة أو فقرة مبهمة، مصلحة الوطن والمواطن هي أم المواد وهي الفقرة وأمنه العمود الفقري.

www.alehaidib.com